خديجة في وجه العاصفة: صمود امرأة وُلد منها الإسلام


لم تكن السيدة خديجة عليها السلام فقط أول من آمنت، بل كانت أول من واجه قريش بصمتها الشامخ، وثباتها الذي أربك سادة مكة. في وقتٍ كانت فيه الكلمة تُكلف الدم، والموقف يُقابل بالإقصاء، وقفت خديجة إلى جانب النبي محمد ﷺ دون تردد، رغم أنها كانت في قمة الثراء، والمكانة الاجتماعية، والمكان المحسوب على “سيدات قريش”.

سيدة تُخاصم قومها بالإيمان

حينما بدأ النبي ﷺ دعوته سرًّا ثم جهرًا، واجه استهزاء قريش، واتهامها له بالجنون والسحر والكذب. لم تكن خديجة ممن تنأى بنفسها عن المواجهة، بل وقفت موقفًا واضحًا: إما أنا معه… أو لستُ منكم.
هذا الموقف أفقدها احترام بعض من كانت بينهم، لكنها كسبت شرف التاريخ.

التضحية بالمكانة والراحة

خديجة كانت تُلقب بـ”سيدة قريش”، وتملك تجارة واسعة وعلاقات قوية في المجتمع المكي. لكنها لم تتردد في أن تخسر كل هذا حين اختارت الوقوف مع الحق. تركت دار الندوة، وخرجت من دوائر المديح، وارتضت أن تُهاجم، بل وتُحاصر مع النبي ﷺ في شعب أبي طالب.

حصار مؤلم وصبر أسطوري

في الحصار الذي فرضته قريش على بني هاشم والنبي ﷺ ومن معه، كانت خديجة امرأة عجوزًا، مريضة، لكنها صامدة. أنفقت كل ما تملك من مال وغذاء، حتى أضناها الجوع، وضعف جسدها، لكنها لم تضعف روحها. لقد كانت الحصن النفسي والمعنوي للنبي ﷺ وهو يرى من أحبّهم يتساقطون جوعًا حوله.

مواجهة المجتمع بالصمت النبيل

لم تكن خديجة ممن تردّ على الشتائم بالشتائم، ولا على المقاطعة بالمثل. واجهت أذى قريش بأخلاقها، فبقيت الطاهرة، رغم كل ما قيل. وكأنها كانت تعلم أن التاريخ سيحفظ لها ما ضيّعه أهل مكة حينها.

خاتمة

واجهت خديجة قريش لا بالسلاح، بل بالموقف، ولا بالصوت العالي، بل بالثبات. فكانت أول من صنع ثورة ناعمة ضد الجاهلية… ثورة قادتها امرأة في بيتها، لكنها غيّرت وجه التاريخ.
لقد كسرت خديجة كبرياء قريش، وصنعت من ضعفها بداية النصر.

 

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *