(حب النبي لها – كمالها – تبشيرها بالجنة – نصرتها – المختارة – اشتياق الجنة – ذكرها في القرآن)

فضائلها عليها السلام وحب النبي صلى الله عليه وآله لها:

إن تحقق الفضل لا يكون إلا بتحقق الصفات العالية في الفرد حيث يبرز بتلك الصفات بين المجتمع الإنساني، وكانت السيدة خديجة عليها السلام  سباقة إلى تلك الصفات كلها، ومثلاً أعلى لأفراد جنسها، ولما لا تكون كذلك؟ وهي التي قامت ببالغ الجهاد والمؤازرة للرسول الأكرم في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، فكانت تؤثره بنفسها لتجلب له الاطمئنان والراحة رغم ما كانت عليه من أساليب السعادة والرفاهية، فكانت عليها السلام  تترفع عن الكلفة وتؤدي واجبات النبي وتقضي لوازمه بكل ود ومحبة ورضى، وضحت بالنفيس في سبيل سعادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

لذلك نرى النبي صلى الله عليه وآله  يخص السيدة خديجة باحترام كبير، فلها في نفسه أسمى منزلة، وفي قلبه أرفع مكانة، حتى أنه لم يخطر بباله طوال معاشرته لها أن يتزوج سواها، وكان النبي صلى الله عليه وآله كثير الثناء عليها أمام زوجاته.

فها هي زوجة النبي الثانية عائشة -كما ورد في أسد الغابة- تحدثنا فتقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلاّ عجوزاً، فقد أبدلك الله خيراً منها! فغضب حتى اهتزّ مُقدّم شعره من الغضب، ثم قال: «لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت إذ كفر الناس، وصدّقتني وكذّبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء». قالت عائشة: فقلت في نفسي: لا أذكرها بسيئة أبد اً. 

وعن عائشة أيضا -كما ورد في الإصابة لابن حجر-: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ذبح الشاة يقول: فذكرت له يوما، فقال: «إني لأحبّ حبيبها» «أرسلوا إلى أصدقاء خديجة عليها السلام ))

كمالها:

إنها من الكاملات على لسان المصطفى   صلى الله عليه وآله، إذ قال صلى الله عليه وآله،  بشأنها: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلاّ أربع: مريم بنت عمران، آسية بنت مزاحم، خديجة بنت خويلد، فاطمة بنت محمّد بن عبد الله».

ووصفها أبو طالب عليه السلام  ذات يوم قائلا: إنّ خديجة عليها السلام  امرأة كاملة ميمونة خطبها ملوك العرب، ورؤساؤهم، وصناديد قريش، وسادات بني هاشم، وملوك اليمن، وأكابر الطائف، وبذلوا لها الأموال، فلم ترغب في أحد منهم، ورأت أنها أكبر منهم

تبشيرها بالجنة:

إنها من المبشّرات بالجنّة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «أتى جبريل فقال: يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه أدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها، ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب ».            

 لذلك يقول الشاعر في ذلك:

زوجــاته خــــديجة وفـضلها

 

أبـــان عنـــه بـــذلها وفـعلها

بنـت خـويـلد الفـتى الـمكرم

 

الـمـاجــد الـمؤيــد الـمعظم

لهـا مـن الـجنة بيت من قصب

 

لا صـخب فـيه لهـا ولا نـصب

وهـذه صــورة لفـظ الــخبر

 

عن الـنبي الـمصطفى الـمطهر

 

نصرتها لرسول الله:

لقد بذلت السيدة خديجة عليها السلام  نفسها ومالها في سبيل نصرة هذا الدين كما جاء في الخبر: أنها وهبت جميع مالها لرسول الله. فقد روى المجلسي قدس سره: إنّ خديجة قالت لعمّها ورقة: خذ هذه الأموال وسر بها إلى محمد صلى الله عليه وآله  وقل له: إنّ هذه جميعا هدية له، وهي ملكه يتصرّف فيها كيف يشاء، وقل له إنّ مالي وعبيدي وجميع ما أملك، وما هو تحت يدي فقد وهبته لمحمد محمد صلى الله عليه وآله   إجلالاً وإعظاما له.

فوقف ورقة بين زمزم والمقام ونادى بأعلى صوته: يا معاشر العرب إنّ خديجة تشهدكم على أنّها قد وهبت نفسها ومالها وعبيدها وخدمها وجميع ما مـلكت يـمينها والـمواشي والصـداق والهدايا لمحمد محمد صلى الله عليه وآله   وجميع ما بذل لها مقبول منه وهو هدية منها إليه إجلالاً له وإعظاما ورغبة فيه، فكونوا عليها من الشاهدين. 

فقد استخدم النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله   هذا المال في الإنفاق في سبيل الله تعالى ونشر كلمة التوحيد، حتى قال كما ورد في أمالي الطوسي: «ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة عليها السلام

وقد أخبر شيخ الطائفة أن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله   كان يفك من مالها الغارم، والعاني، ويحمل الكل، ويعطي في النائبة، ويرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة، ويحمل من أراد منهم الهجرة. 

فروي أن الإسلام لم يقم إلا بمالها وسيف علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقال الفقيه الكبير العلامة الممقاني في تنقيحه أن هذا الخبر متواتر.

 

المختارة:

السيدة خديجة مختارة من الله والجنة تشتاق لها:

روى الشيخ الصدوق (رض) في خصاله: «إن الله تبارك وتعالى اختار من كل شيء أربعة: اختار من الملائكة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت (عليهم السلام)، واختار من الأنبياء أربعة للسيف إبراهيم وإبراهيم وموسى وداود وأنا، واختار من البيوت أربعة، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾، واختار من البلدان أربعة، فقال عز وجل: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾، فالتين المدينة، والزيتون بيت المقدس، وطور سينين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكة، واختار من النساء أربعة: مريم وآسية وخديجة وفاطمة». 

 

واختار من الحج أربعة: النحر والحج والإحرام والطواف، فأما النحر فالنحر، والحج صحيح الناس بالبلبلة، واختار من الأشهر أربعة: رجب وشوال وذا القعدة وذا الحجة، واختار من الأيام أربعة: يوم الجمعة، ويوم التروية، ويوم عرفة، ويوم النحر».

اشتياق الجنة للسيدة خديجة:

روى العلامة المجلسي (رض) في بحاره: «روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: اشتاقت الجنة إلى أربع من النساء، مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون وهي زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) في الجنة، وخديجة بنت خويلد زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) في الدنيا والآخرة، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)».

خديجة في كتاب الله

روى من طريق المخالفين: عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: «قوله عز وجل: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ قال: الأعمى أبو جهل، والبصير أمير المؤمنين (عليه السلام)، ﴿وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ﴾، فالظلمات أبو جهل، والنور أمير المؤمنين (عليه السلام)، ﴿وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ﴾، الظل ظل لأمير المؤمنين (عليه السلام) في الجنة، والحرور يعني جهنم لأبي جهل، ثم جمعهما، فقال: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾، فالأحياء: علي، وحمزة، وجعفر، والحسن، والحسين، وفاطمة، وخديجة (عليهم السلام)، والأموات: كفار مكة».