دورها بعد البعثة – أول من آمن وأعظم سند


📌 المقدمة

حين أشرق نور الوحي لأول مرة على النبي محمد ﷺ في غار حراء، كان الموقف مهولًا، إذ واجه النبي ﷺ تجربة عظيمة تفوق طاقة البشر. وفي هذه اللحظة التاريخية، كانت السيدة خديجة عليها السلام هي أول من احتضن قلب النبي الخائف، وأول من صدّق رسالته، وأول من قدّم له الدعم الكامل نفسيًا وماديًا وروحيًا.

لقد سجلت السيدة خديجة عليها السلام بوقفتها تلك أعظم صور الوفاء واليقين والثبات، فاستحقت أن تكون أول المؤمنين، وأول رفيقة في طريق النبوة.


📌 موقفها عند نزول الوحي

بعد نزول الوحي على النبي ﷺ لأول مرة، عاد إلى بيته يرجف ويقول:

«زملوني زملوني»

فأسرعت إليه خديجة عليها السلام تحتضنه وتهدئ روعه، وأصغت إليه دون أن تقطع كلامه أو تسأله في شك، بل قالت له كلمات ستظل خالدة:

“كلا والله، لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.”

بهذه الثقة العظيمة كانت أول صوت يؤكد للنبي ﷺ أنه على الحق، فتثبت قلبه وتقويه.


📌 تصديقها المطلق

لم تحتج خديجة عليها السلام إلى برهان أو دليل مادي، بل صدّقت زوجها فورًا، لأنها عرفت صدقه وأمانته طوال حياته.
ذهبت به بنفسها إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان من علماء النصارى الموحدين في مكة، فقال له:

“هذا الناموس الذي نزل على موسى.”

فزاد يقينها، وثبت إيمانها أكثر، وأعلنت إسلامها دون تردّد، لتكون أول شخص في العالم كلّه يؤمن برسالة محمد ﷺ.


📌 دورها المادي في خدمة الدعوة

لم تكن خديجة عليها السلام مجرد مؤمنة بالقلب واللسان، بل كانت تدعم النبي ﷺ بأموالها الواسعة، فأنفقت بسخاء على نشر الدعوة، واحتضنت الأوائل من المسلمين، ووفرت لهم مكانًا آمنًا بعيدًا عن أعين قريش.

كانت مالها في خدمة الإسلام دون تردّد، وقد قال النبي ﷺ عن ذلك:

“ما نفعني مال قط كما نفعني مال خديجة.”


📌 دعمها النفسي والروحي

عاشت خديجة عليها السلام مع النبي ﷺ في أصعب لحظات بداية الدعوة، بين تكذيب قريش، ومؤامراتهم، ومحاولاتهم إذلاله.
كانت له السند الذي يواسيه، والزوجة التي تحمي ظهره، فتمنحه القوة كي يواصل الرسالة رغم شدة الأذى.

لم تتذمر قط من أعباء الرسالة، ولم تخف من أن تكون بجواره في كل موقف، بل كانت ترى في الدعوة خلاصًا للعالم، ورسالة رحمة من رب العالمين.


📌 موقفها في الحصار

عندما حاصرت قريش بني هاشم والمسلمين في شِعب أبي طالب ثلاث سنوات، اختارت خديجة عليها السلام البقاء مع النبي ﷺ تتحمل الجوع والعطش والمرض، وتواسي النساء والأطفال، وتنفق ما تبقى لها من مال في تأمين القليل من الطعام، حتى ضعُف جسدها، لكنها لم تهتز لحظة في دعم النبي ﷺ.


📌 مكانتها بعد إيمانها

نالها تكريم رباني عظيم، فجاء جبريل عليه السلام إلى النبي ﷺ يقول له:

“يا محمد، هذه خديجة قد أتتك، فاقرئها من ربها السلام، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب.”

تكريم خاص لسيدة أعطت كل شيء لله، فصارت نموذجًا خالدًا في الإيمان والصبر واليقين.


📌 دروس وعبر

من شخصية خديجة عليها السلام بعد البعثة نستخلص:
✅ أن الزوجة قد تكون أعظم سند لنجاح زوجها
✅ أن اليقين بالله يجعل الإيمان قويًا حتى في أحلك الظروف
✅ أن المرأة تستطيع أن تساهم ماليًا وفكريًا وروحيًا في نهضة الأمة
✅ أن الثبات على الحق أعظم ما يخلد الذكر الجميل


📌 خلاصة المقال:
لقد كانت خديجة عليها السلام أول من آمن برسالة السماء، وأول داعم لرسول الله ﷺ في رسالته، فخلّدها التاريخ رمزًا للمرأة العاقلة المؤمنة الواثقة الثابتة، وأثبتت أن وراء كل نجاح عظيم سندًا عظيمًا، وأن بيت النبوة لم يقم إلا على أساس من قلب خديجة وإيمانها وصبرها.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *