زواج النور وثمار الرسالة
(الزواج المبارك – التقدم للخطبة – العمر عند الزواج – الأبناء – البنات)

  • زواجها المبارك

كانت السيدة خديجة امرأة عريقة النسب، ممدودة الثروة وقد عرفت بالحزم والعقل وكانت مطمع لسادة قريش. فقد خطبها قبل رسول الله صلى الله عليه وآله   أبوجهل  وأبوسفيان وعقبة بن أبي معيط وغيرهم من رجالات قريش وأعيانهم ولم تقبل بهم. لكنها عندما عرفت محمداَ صلى الله عليه وآله  وجدت نسيجا آخر من الرجال، وجدت رجلاً لا تستهويه حاجة، ووجدت رجلاً

توقفه كرامته موقف النبل والشرف، فما تطلع إلى مالها ولا إلى جمالها، فوجدته صلى الله عليه وآله   ضالتها المنشودة.

بعد ما وجدته السيدة خديجة من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله   وشيمه، ودت أن يكون لها زوجا فتحدثت إلى صديقتها نفيسة بنت أمية، فذهبت نفسية وفاتحت النبي بالزواج من خديجة فلم يبطئ في إعلان قبوله وكلم بذلك أعمامه، فأجابه أبو طالب قائلاً يا حبيبي إليك نصير وبأمرك نستشير في أمورنا وأنت تعلم أن خديجة امرأة كاملة ميمونة فاضلة، وقد خطبها ملوك العرب ورؤساؤهم وصناديد قريش وسادات بني هاشم، وبذلوا لها الأموال الكثيرة ولم تقبل. بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله   لأعمامه قوموا واخطبوا لي خديجة، فنهضت صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وآله   وقالت لهم سوف أستخبر الحال فأمهلوني.

وأقبلت صفية نحو خديجة ثم قالت يا خديجة جئت أسألك عن كلام أهو صحيح؟ فقالت خديجة: بــل صحيح وإني قد خـطبت محمــداً لنفسي

وتحملت المهر. ففرحوا لذلك فذهب أبو طالب عليه السلام مع أشراف قومه إلى عمها عمر بن أسد بن عبد العزى وخطبوا منه خديجة إلى النبي صلى الله عليه وآله   حيث قد مات أبوها في حرب الفجار.

فقال عمها عمر بن أسد اشهدوا على معاشر قريش أني قد أنكحت محمداً صلى الله عليه وآله   خديجة بنت خويلد، فتهلل وجه أبي طالب عليه السلام  فرحا وقال الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب ودفع عنا الغموم، ثم نثر الحمزة عليه السلام دراهم على من حضر المجلس.

  • أولادها :

من المعروف لمن اطلع على التاريخ أن النبي صلى الله عليه وآله   لم يعقب من النساء الآتي تزوج بهن ما عدا خديجة وماريا القبطية.  أما ماريا، فقد ولدت له إبراهيم عليه السلام  وقد مات في المدينة المنورة في السنة العاشرة من الهجرة ولم يبلغ السنتين من عمره.  وأما خديجة عليها السلام ، فقد ذكر المؤرخون وأهل السير أنها ولدت له من الذكور: القاسم، وعبدالله الملقب بالطيب والطاهر، ومات القاسم وعبدالله صغيرين في مكة، فكان للقاسم حين وفاته أربع سنين، ولما مات القاسم حزن النبي حزنا شديداً فقال رسول الله عند وفاة القاسم – وقد نظر إلى جبل من جبال مكة – لو أن ما بي بك لهدك.

وكانت وفاة عبدالله بعد القاسم بشهر ولم يفطم، فقالت خديجة عليها السلام يا رسول الله لو بقي حتى أفطمه، فقال صلى الله عليه وآله   إن فطامه في الجنة.

ولما مات القاسم وعبدالله ابنا النبي صلى الله عليه وآله  ، قال العاص بن وائل: (قد انقطع ولد محمد فهو أبتر) فنزل قول الله تعالى: (( إنا اعطيناك الكوثر ))

وبهذا تكون السيدة خديجة عليها السلام  هي الوعاء الذي حمل الكوثر الذي منه نسل رسول الله صلى الله عليه وآله   والثقل الموازي للقرآن الكريم، وهذه خصوصية واصطفاء اختصت به السيدة خديجة وفُضلت به على نساء العالمين، وتحقق بها وعد الله لرسوله صلى الله عليه وآله  في سورة الكوثر.

  • بناتها :

ذكر المؤرخون أنها ولدت له زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة صلى الله عليه وآله   وهي أصغرهن سناً وأشرفهن قدراً.

 (( هناك من يناقش في صحة نسبة زينب، ورقية، وأم كلثوم إلى النبي صلى الله عليه وآله   بل يجعلهن ربائب )) ، 

وبعض المؤرخين ينفي نسبتهن حتى إلى خديجة عليها السلام  ونحن لا نستطيع الجزم بنسبتهن إلى النبي،

 أو عدم نسبتهن وقد جاء في بعض أدعية شهر رمضان المبارك (اللهم صل على رقية بنت نبيك) وكذا جاء (اللهم صل على أم كلثوم بنت نبيك) والله العالم في حالهن.

عمرها عند الزواج

ذكر المؤرخون أن السيدة خديجة عليها السلام  تزوجت قبل البعثة النبوية بخمسة عشر عاماً،

 وهذا يدل على أنها حينما اقترنت بالرسول صلى الله عليه وآله كان عمرها خمساً وعشرين سنة؛ لأنها عاشت مع النبي الأكرم خمساً وعشرين سنة، منها خمس عشرة سنة قبل البعثة وعشر سنوات بعد البعثة، وتوفيت ولها من العمر خمسون سنة. ((  فعليه يكون عمر النبي صلى الله عليه وآله  حين الاقتران بخديجة مساوياً لعمرها عليها السلام )) .